الابتكار الاجتماعي
تأطير المناهج السلوكية في تطبيق التدخلات السلوكية

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 13

تأطير المناهج السلوكية في تطبيق التدخلات السلوكية

   د. منيرة المحمود

تطبيق المناهج السلوكية في القطاع الحكومي أصبح منتشراً في المملكة العربية السعودية، حيث وصل عدد الوحدات السلوكية في القطاع الحكومي إلى سبع وحدات، ولا يزال العدد في تزايد نظراً لفاعليتها في دعم أصحاب القرار وحفز المواطنين إلى القرارات التي لها أثر إيجابي، وتأثيرها في تطوير السياسات بما ينعكس على المصلحة العامة، ولكن تطبيق التدخلات السلوكية كأسلوب بحثي في القطاع الحكومي يتطلب تأطير أساليب البحث والتصميم، كإجراءات وسياسات داخل المنظومة، لضمان تطبيقها بطريقة علمية شاملة، والتزاماً بأخلاقيات البحث العلمي عند إشراك الأفراد في تجارب التدخلات السلوكية أو لقياس فاعلية السياسات العامة. وفي هذا المقال سأوجز بعض الإجراءات التي تعد ضرورية لتأطير المناهج السلوكية عند تأسيس الوحدات السلوكية في القطاع العام في المملكة العربية السعودية.

 أهمية الدراسات التشخيصية لفهم تجربة المواطن السعودي في عملية صنع القرار

 تطبيق التدخلات السلوكية يتطلب فهماً لعملية صنع القرار التي يمر فيها الفرد بدءاً من الفكرة وحتى التنفيذ، ولذلك قياس تجربة الفرد في تفاعله مع النظام والتي إذا لم تضع بالحسبان "نمط الأعراف" أو النسق، فستعد غير مكتملة في تقييم تجربة الفرد، التي تتطلب مراعاة العوامل البيئية والفردية والممكنات التي تتفاوت وفقاً لديموغرافية الفرد والمجتمع، مثل العمر، والجنس، والمنطقة الجغرافية. فقياس تجربة المواطن السعودي عند تطبيق المنهج السلوكي تعد مهمة، إذ إن معظم الأدبيات التي تعتمد عليها العلوم السلوكية تقوم على معايير تقيس تجارب دول أخرى. ولذلك تحتاج الوحدات السلوكية في المملكة إلى الكثير من الدراسات التشخيصية التي تسهم في فهم تجربة المواطن السعودي وضوابط الأعراف كونها أسباباً ودوافع في عملية صنع القرار، مما يسهم في نجاح تجارب التدخلات السلوكية في القطاع الحكومي.

 جودة البيانات

 قياس الظواهر السلوكية، وبالأخص التي تتعلق بعملية صنع القرار، تتطلب تحليل البيانات لفهم الأنماط المتكررة، وذلك لا يتم إلا بعد التأكد من جودة البيانات وعمقها في عكس تجربة العميل، وذلك يستدعي تمكين الممارسين في القطاعات الحكومية من جمع البيانات وفرزها بما يعكس ديموغرافية السكان، إضافة إلى البيانات التي تظهر تجربة العميل مع الخدمات المقدمة في القطاع الحكومي، ومدى رضاه عنها، مما يسهم في فهم الظواهر والأحداث المتكررة. عكس البيانات بدقة سيسهم في تحديد التحديات السلوكية، وأيضاً ضروريات التجارب للتدخلات السلوكية ومتابعة استجابة الأفراد لها على مدة من الزمن، مما يسهم في فهم فاعلية أي من التحيزات أو السلوكيات التي تستدعي التجديد أو التأييد للسياسات أو الدعوة إلى تحسينها، فقياس نجاح التدخلات السلوكية أو تطبيقها على مدة زمنية قصيرة لا يعني فاعليتها على المدى الطويل.

 اختيار القناة المناسبة للتدخل وفقاً للنسق المحلي

اختيار منهجية العمل المناسبة تتطلب فهم احتياجات المواطن السعودي وفقاً للنسق الثقافي، إذا وضعنا بالحسبان أن التحديات السلوكية ناتجة عن عملية التفاعل الدائم بين النسق والفرد، مما يستدعي فهم المحيط والقنوات المناسبة، للوصول إلى الفرد وفقاً للمعطيات العمرية، والتعليمية، والمناطقية وأيضاً الثقافية. حصر القنوات الفعالة، مثل الرسائل الهاتفية أو المنشورات أو البرامج التي تصمم لتحسين تجربة العميل تعد عملية أساسية لصنع الأثر في تحفيز الأفراد لاتخاذ القرار أو تسهيل المعلومات، وذلك قد يتطلب نوعاً من الابتكار والتجديد وفهم الإمكانيات والدوافع وفقاً للمكان والزمان عند تصميم التدخلات السلوكية.

 العناصر السابقة التي ذكرت بدءاً من أهمية الدراسات التشخيصية، والعمل على تحسين جودة البيانات، واختيار القنوات المناسبة للتدخل وفقاً للنسق المحلي والملائم للمواطن، تستدعي المشاركة دائماً وباستمرار لنتائج الأبحاث والتجارب السلوكية التي طبقت على مستوى المملكة سواء الناجحة أو المخفقة على الصعيدين الأكاديمي والمؤسسي، وذلك من أجل الوصول إلى تأطير وتطبيق التجارب السلوكية الملائمة للمواطنين، وحفزهم إلى الاستفادة من الخدمات الحكومية، وأيضاً عكسها على مستوى السياسات التي تنعكس إيجاباً على دعمهم لاتخاذ القرارات المناسبة.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...